حبات العقد ..

كانت تقف امام المرأه ..... ترتب اغراضها القليله الموضوعه امامها .... عينيها تقعان على علبه الحلى القديمه ... حركت الكرسى قليلا وجلست .... امسكت العلبه بيديها ... ابتسامه خافته ترتسم على شفتيها ....
امها تسحبها من يديها فى ليله عرسها من بين صديقاتها ... تجيب تساؤلاتها المتتاليه عن السبب بوجود تقليد عائلى خاص لابد ان ينفذ بينهما الان .... تدفعها امها دفعا نحو حجره نومها ....تتحرك الام نحو الدولاب ... وتفتح ببطء ضلفته دائمه الغلق ... تسحب منها شيئا بسرعه قبل ان تتمكن هى من ملاحظه ما يكون .... تستدير وتتحرك نحوها ببطء .... وحينما تواجهها تخرج من خلف ظهرها علبه حلى قديمه ... وتجيب التساؤل المرسوم فى عينيها قبل ان تنطق به .... هديه من جدتها لامها فى ليله عرسها ... وصيه ولابد ان تنفذ ..ز وكما تهديها به اليوم عليها ان تحفظه وتهديه لابنتها الكبرى فى ليله زفافها وهكذا ... امسكتها بين يديها علبه حلى صغيره قديمه الطراز محلاه ببعض النقوش الذهبيه ... فتحتها ... كانت تحتوى على بعض قطع الحلى الذهبيه البسيطه ... يتوسطها عقد رائع اخبرتها امها بينما تديرها لتحكم غلق محبسه على رقبتها انه هديه اخر عيد زفاف بين جدها وجدتها
تنظر قليلا للعلبه ... فقدت بعضا من بريقها القديم ... كم عمرها ... سؤال داهمها فجأه ...؟!!! فتحتها .... نفس الحلى القديمه .... شبكتها الذهبيه التى لم تعد تلبسها ولا حتى ف المناسبات ..... بعض الحلى الجديده هدايا من زوجها فى مناسبات عده ... عقد امها ... عقد اخر ....
علبه صغيره محكمه اللف ببعض شرائط الزينه ... تمتد بها يد زوجها ببطء امام عينيها ... ذكرى زفافها الاولى .... هديه رائعه ... عقد مابين الغالى والرخيص ....ابتسامه على شفتيه يحاول ان يعتذر بها عما حدث ...
يدها تحكم القبض على العقد الاخر .... عقد زوجها ... تتوتر حركات يديها ... يتعكر صفاء وجهها الرقيق رغم سنوات العمر الماضيه بلا عوده .... تزوغ عيناها ... تحاول جاهده منع تلك الذكريات السوداء من العوده اليها من جديد .... لم تكن قد برأت من اثارها بشكل نهائى بعد ....دموع تترقرق فى عينيها .... يزداد توتر حركات يديها .... ترتفع انفاسها .... تجرى دموعها هاربه رغم محاولاتها المستميته لمنعها ... تتحول انفاسها الى نشيج .... تتسارع حركاتها ... يقطع الخيط ... وتتساقط .......
حبات العقد
تمت .

فلسفه اموات ... مسرحيه قصيره

المشهد الأول
الكاهن الأعظم يدخل ويتحرك وتبدو عليه مظاهر القلق
الكاهن الأعظم: أين ذهب هذا اللعين؟؟
مساعد الكاهن يدخل مسرعاً
مساعد الكاهن: سيدى العظيم.. آسف على التأخير
الكاهن الأعظم: لابد من إيجاد حل.. الناس تغلى.. أخشى أن تحدث كارثة.. انهيار التمثال من فوق الجبل أصبح وشيكاً ولابد من تدعيم قاعدته سريعاً
مساعد الكاهن: سيدى.. إننى لا أرى سوى حل واحد
الكاهن الأعظم: أعلم.. ستخبرنى مجدداً أن نبحث عن متطوع لإنقاذ التمثال

راوى: قانون قديم " النار مصير كل من يلمس تمثال الإلهة فاتيا "
الكاهن الأعظم: لن نجد من يقبل.. الجميع يعلم خطورة لمس تمثال الإلهة فاتيا
راوى: قانون قديم " النار مصير كل من يهرب جبناً من مهمة كهنوتية "
علامات التفكير تبدو على وجه مساعد الكاهن.. وفجأة.. يلتفت نحو الكاهن الأعظم وابتسامة خبيثة تظهر على وجهه
مساعد الكاهن: سيدى العظيم.. فلنجعلها مهمة كهنوتية إذاً.. نكلف أحداً بالمهمة فلا يتمكن من الرفض
الكاهن الأعظم: أحداً لا يستطيع الرفض.. أحداً بعينه
يقتربان من بعضهما.. ينظران لبعضهما.. ويبتسمان ابتسامة خبيثة...
ستار.
المشهد الثانى
الكاهن الأعظم ومساعده يقفان مع شاب فى مقتبل العمر فى ديكور منزل بسيط
الكاهن الأعظم: عزيزى مارك.. اعلم أن بين يديك إنقاذنا جميعاً
مساعد الكاهن: أجل مارك.. إن إنقاذ تمثال الإلهه من الدمار يرحمنا جميعاً من غضبها
مارك: غضبها..؟؟!! ( بسخرية )
الكاهن الأعظم: عزيزى مارك.. دعنا مما تعتقد الآن.. إنك أقدر الناس على تنفيذ تلك المهمة
مارك: سيدى الكاهن الأعظم.. لك منى كل التقدير والاحترام ولكن.. أرجوك فلتعفنى من تلك المهمة.. إنك تطلب منى الانتحار
الكاهن الأعظم: الانتحار؟؟! من قال لك هذا ( وهو ينظر نحو مساعده )
مارك: أجل.. لا تنسى أننى كنت أدرس معكم فى المعبد
راوى: قانون قديم" النار مصير كل من يلمس تمثال الإلهة فاتيا"
مارك: إنك تطلب منى إنقاذ تمثالكم وإلقاء نفسى فى النار
الكاهن الأعظم: عزيزى مارك.. دعنا نكون صريحين.. أنا أعلم أنك تركت المعبد صغيراً.. وأعلم كذلك أفكارك الشاذة ولكن لو شاع الخبر.. ستجد هناك مئات من الناس تريد قتلك
مارك: وليكن.. إنه أهون ألف مرة من الدفاع عن أشياء ليس لها قيمة
مساعد الكاهن: ليس لها قيمة؟؟! ( بغضب ظاهر ) احذر مارك.. إنك تسب الإلهة أمام كاهنها الأعظم
الكاهن الأعظم: دعه.. فليفعل ما يشاء.. عزيزى مارك.. أمامك مهلة ثلاث ليال قبل الرد، واحذر.. إنها مهمة كهنوتية
راوى: قانون قديم " النار مصير كل من يهرب جبناً من مهمة كهنوتية "
ظــــــــلام
المشهد الثالث
مارك نائم فى حجرته يحلم.. ( موسيقى.. صوت انهيار )
سلفيا تنادى: مارك.. مارك
تدخل المسرح
سلفيا: مارك.. ماذا تفعل؟!
مارك ينتبه من غفوته
مارك: لا شئ حبيبتى.. أين كنت منذ الصباح
سلفيا: عند أختى.. ألم أخبرك أنها وضعت مولودها أمس
مارك: أجل.. أجل.. يبدو أن ذهنى ليس صافياً لأتذكر.. اعذرينى
سلفيا: عزيزى.. أصحيح أن كاهننا الأعظم كان هنا اليوم ؟
مارك: عزيزتى.. البلدة كلها تعرف هذا
سلفيا: ولكنها لا تعلم سر تلك الزيارة ( تقترب منه بدلال ).. ستخبرنى أليس كذلك ؟
مارك: أخاف أن أقول لك فتجزعين
سلفيا تظهر عليها علامات القلق الشديد
سلفيا: ماذا فى زيارة كاهننا الأعظم يجزعنى.. أليس المفروض أن زيارته تبارك دارنا ؟!
مارك: تبارك دارنا ؟!! .. ( مارك يضحك )
سلفيا: مارك.. ماذا يضحكك.. أرجوك.. أخبرنى
لحظات صمت
سلفيا: مارك.. أخبرنى.. مارك بحق إلهتنا العظيمة أخبرنى
مارك: لقد كلفنى بمهمة إنقاذ الإلهة فاتيا من الدمار
تتهلل أسارير سلفيا وتتحرك على المسرح ببهجة
سلفيا: إذاً سيصبح زوجى أشهر رجل فى البلاد بعد كاهننا الأعظم
راوى: قانون قديم " النار مصير كل من يلمس تمثال الإلهة فاتيا"
قانون قديم "النار مصير كل من يهرب جبناً من مهمة كهنوتية"
سلفيا تضطرب وتقترب من مارك
سلفيا: مارك.. أصحيح ما تقول.. عزيزى أنت تعلم أننى لا أطيق الحياة بدونك.. مارك.. أخبرنى ماذا ستفعل
مارك: هذا ما كنت أفكر فيه حينما دخلت عزيزتى
سلفيا: مارك.. فليذهب الكاهن الأعظم إلى الجحيم.. فلتذهب فاتيا إلى الجحيم.. فليذهبون جميعاً.. ولتبقى أنت بجوارى.. أجل.. تحمينى.. تدفئنى.. تحبنى.. مارك فلنترك لهم إلهتهم ولنرحل بعيداً
مارك: اهدأى عزيزتى.. إنك أكثر الناس معرفة بزوجك.. لابد من حل.. حنى ولو على حسابى.. إن حياتى ليست بذات قيمة طالما أن الهدف سام.. ولكن أ إنقاذ فاتيا هدف سام؟!!
سلفيا: ماذا تقصد..؟! إننى لا أفهمك
مارك: أقصد أننى لا أريد الموت من أجل فاتيا.. كيف تكون فاتيا إلهة وقد كانت بشراً من قبل.. إذاً فلماذا لا أكون أنا أيضاً إلهاً أو حتى تكونين أنت
أى إله هذا الذى لا يستطيع حماية نفسه من خطر بسيط حبيبتى.. إن القادر على خلقنا، وخلق الكون من حولنا، وخلق الحب فى نفوسنا أقد على حماية نفسه
سلفيا: مارك.. إنك تتحدث اليوم حديثاً خطيراً..
مارك: أعلم حبيبتى ولكن لم يبق لى فى تلك الدنيا سوى ليلتين.. لابد أن يفيق الناس.. لابد أن تتحرر عقولهم
سلفيا: ماذا تقصد؟!.. إننى أشم من وراء كلامك رائحة غريبة.. أتقصد إنك...
مارك ( يقاطعها ): أجل عزيزتى.. إننى.. ولكن لابد أن أشعر أننى أضحى من أجل شئ مهم.. لو كان ثمن حريتكم هو الموت.. فلأمت إذاً
سلفيا: لا.. عزيزى إن الأسر أهون على من فقدانك
مارك: فلتهدأى حبيبتى.. إننى شأظل بجوارك.. روحى ستهديك نحو الطريق.. انظرى معى نحو الهدف ولتعيشى من بعدى حياتك حرة بين عقول أحرار
سلفيا: مارك.. فلتبق عقولنا فى أسرها.. ولتبق أنت بجوارى
مارك يخرج
سلفيا (تصرخ): مارك.. عد إلى حبيبى.. مارك فلنهرب.. مارك.. سحقاً لهم.. سحقاً لعقولهم.. سحقاً لكهنتهم.. سحقاً لفاتيا
( وتتهاوى على الأرض )
ستــــــار
المشهد الرابع
إضاءة على خلفية المشهد الأول
الكاهن الأعظم يدخل ويبدأ بتلاوة تراتيل دينية
مساعد الكاهن يدخل
مساعد الكاهن: سيدى العظيم.. زوجة مارك تريد مقابلتك
الكاهن الأعظم: ماذا..؟! سلفيا.. ماذا تريد؟!
مساعد الكاهن: لا أدرى يا سيدى
الكاهن الأعظم: أدخلها.. لنرى ماذا هنالك
سلفيا تدخل
سلفيا: سيدى الكاهن الأعظم.. لك كل الاحترام
الكاهن الأعظم: تفضلى عزيزتى.. لى كثير من الزمن لم أرك
سلفيا: دعنا من ذلك الآن سيدى.. إننى أريد منك أمراً
الكاهن الأعظم: تفضلى عزيزتى.. اطلبى ما تشائين
سلفيا: سيدى العظيم.. بحق فاتيا.. إلهتنا العظيمة.. أرجوك فلتعف مارك من هذه المهمة
الكاهن الأعظم: مارك..؟! (بتعجب) أطلب منك هو ذلك ؟!
سلفيا: لا.. أنت تعلم أنه يقبل الموت بصدر رحب ولا يقبل أن أفعل ذلك، لقد أتيت من تلقاء نفسى.. إننى لا أطيق الحياة بدونه
الكاهن الأعظم: إن موت مارك يمنحنا جميعاً الحياة
سلفيا: اتركه.. وسأجعله أشد الناس إيماناً بإلهتنا العظيمة فاتيا
الكاهن الأعظم: إن موته أشد فائدة من عبادته لفاتيا
سلفيا: اتركه من أجلى وسنرحل بعيداً
الكاهن الأعظم: سلفيا.. اطلبى ما تشائين غير هذا الأمر.. مصلحة الإلهة فى موت مارك
سلفيا (بصوت غاضب): أى إلهة تلك التى تكون مصلحتها بموت البشر.. الإلهة تحكم البشر.. تدبر أمرهم.. تنشر الخير والحب فى نفوسهم.. لا أن تستبيح دمائهم
الكاهن الأعظم: احذرى سلفيا.. حديثك أصبح خطر عليك أنت أيضاً
سلفيا: فلتفعل ما تريد.. لم أعد أبه لشئ .. بعد مارك.. يتساوى كل شئ فى الدنيا أمامى
يدخل مساعد الكاهن إلى الخشبة.. تبدو على ملامحه قلق شديد وخوف
مساعد الكاهن: سيدى الكاهن.. كارثة.. مارك يجتمع بالناس.. يحرضهم على ترك عبادة إلهتنا المقدسة فاتيا
الكاهن الأعظم يزداد غضباً ويوجه حديثه نحو سلفيا.. يمسكها من يديها ويهزها
الكاهن الأعظم: أرأيت ماذا فعل هذا اللعين.. إن الموت لا يكفينى الآن لكى أطفئ ما يجول بصدرى تجاهه
يلقيها بعيداً.. ينظر إليها نظرة غضب شديدة ويخرج
سلفيا على الأرض تبكى بتألم
مارك يدخل إلى الخشبة باندفاع ويسقط
سلفيا تقوم مسرعة وتجلس بجواره

سلفيا: عزيزى.. ماذا بك؟
مارك: الأغبياء يطاردوننى.. يريدون قتلى.. لم يتقبلوا فكرة عدم كون فاتيا إلهة.. اتهمونى بالجنون.. طالبونى بالسكوت وحين ثرت عليهم أرادوا قتلى
سلفيا: مارك.. فلنرحل من هنا.. إنهم لا يستحقون حتى موتك من أجلهم
مارك: عزيزتى.. فات الأوان.. لم يبق لى مكان فى تلك الدنيا.. يبدو أننى ولدت خطأ فى هذا الزمان
مارك يقف ويقيم سلفيا من جلستها.. يخلع عن رقبته سلسلة ويقبلها.. يفتح يدى سلفيا
مارك: احفظيها وتذكرينى
مارك يضم سلفيا ويقبلها ويخرج
سلفيا: مارك.. عد إلى حبيبى.. مارك.. حبيبى
سلفيا تنهار على خشبة المسرح وهى تبكى بشدة
ظـــــــلام
المشهد الخامس
موسيقى.. صرخات.. صوت انهيار
جسد مارك مسجى على الأرض ممزق الثياب.. غلرق بدماءه
الكاهن ومساعده يقفان وعلى وجهيهما ترتسم آيات الفزع الشديد
سلفيا تجلس بجوار مارك تبكى
أصوات كروان وأنغام ناى حزين ترتفع
راوى: الصورة على حالتها تلك.. تمثال منهار.. صدمة تهز وجدان الناس.. كروان يشدو وعلى أنغامه يرتفع موال حزين.. موال يحكى رواية فاتيا..
موال فلسفة الحياة.. الحب.. فلسفة أموات
ستــــــــــار