دماء ......دموع



ارتعد .... وارتعد ....منذ ان جرى بيننا ذاك الحوار فى تلك الليله وانا ارتعد .... جاهدت كثيرا حتى لاتظهر دموعى .... نجحت بأعجوبه فى كتمانها رغم انها كانت تنساب بحورا داخلى ....... وجهى خيبه الله فضحنى ..... بان عليه سريعا انى اخاف من حديثه هذا .... ورغم انه اقسم لى مرارا وتكرارا انه فقط يضع نفسه فى تلك الحاله .... تستهويه .... فقط يفكر ولن ينوى مهما حدث التنفيذ ...... ورغم انه ادار دفه الحوار بعيدا عن تلك الجهه وصرنا نتحدث عن اشياء اخرى هدأتنى قليلا .... الا اننى ظللت وقتها ارتعد ..... والان وحين تذكرت حديثه مره اخرى ..... خفت عليه كثيرا ..... وبدات ارتعد .....

********************

اجلس وحدى فى ظلام صامت منذ الليله الماضيه ..... ومازلت على تلك الحاله حتى الان .... افكر منذ امس فى نفس الفكره ..... احاول قدر الامكان ان اسيطر على انفعالاتى حتى لا يجرفنى التيار واقدم على فعلتى الاثمه .... اشعل ضوء الغرفه واغلقه مرارا وتكرارا حتى اصابنى الملل ...... حاله اكتئاب .... ايقن ذلك ولا انكره.... تختلف كثيرا عن مراتى السابقه ..... رغم كل ماشعرت به ........ الا اننى الان مختلف ....... الصوره قاتمه اللون بلا اى خطوط بيضاء ..... فكرت كثيرا فى الانتحار .... اوقات من اجل التفكير ..... واوقات اخرى من شده ماكنت امر به .... الامر اليوم تعدى من مجرد التفكير ..... اشجع قرار يتخذه شخص مجنون ..... كم من المرات تفوهت بها ...... انا مجنون .... لاكننى فى ذاك الامر لم اكن ابدا شجاع .....

اجلس الان فى ضوء شمعه قاربت على الفناء ..... اضع امامى سلاح ابى الذى احتفظ به من بعد وفاته ...... ضوء الشمعه يسقط على جزء واحد منه ويكسبه احساسا مثيرا بالرهبه ..... يسقط على جانب وجهى المظلم .... ويترك جانب اخر فى الظلام ...... كيف يجرؤ احدا على ان يفعلها ...... حرمانيتها لم تشغلى فكرى يوما ..... لا انكر انها كذلك .... لكنى اراها من زاويه اخرى دوما ...... كيف يتخلص ايا كان من ماديته مره واحده ... اى شجاعه تلك التى واتته وجعلته يفعلها ...... اى نزق من الجنون يدفعه الى ان يتلاشى ..... يقبل بكل سهوله الى عالم يعلم انه مهما شطح بخياله لن يدرك اى من ابعاده ...... يفقد احساس الحياه وماديه الوجود

لالالالالالالالالا ..... استعيذ بربى من ذاك الوسواس ....... اقاوم نفسى بشده ....... اقوم وابتعد ......... اعود وأتأمل ذاك الجسم المادى الصلد الموضوع امامى .... لايشعر بشئ مما انا فيه .... لايشعراحدا بما انا فيه .... يقينا انا سبب كبير فى كل ما انا فيه ..... اخطاء فى الماضى ..... نتائج منطقيه ..... لا الوم احدا ..... ولا حتى الوم نفسى ....... الصداع يتملكنى ...... يكاد يفجر رأسى ...... اغمض عينيى ..... احاول بما تبقى لى من مقاومتى المنهاره ان اسيطر على نفسى خلِّصني بفضلك يا أبانا الذي في السماوات ,تقدَّس اسمك,من حرقة الذكريات العاصفات بقلبي .. هَبني يا إلهي ميلاداً جديداً أعيشُ به من غير ذاكرة ........ (1) ضوءالشمعه يخفت ..... تكاد ان تتلاشى ..... ترتعش يداى .... احركها ببطء نحو مصيرى ..... صوت يتردد فى اذنى بلا توقف ..... افكارى كلها تتلاشى ...... صوت مكتوم .... دخان متتطاير .... دماء متناثره فى المكان ...... يتلاشى .... ويتلاشى ضوء الشمعه .... ويعاود الظلام الصامت احتلال المكان

******************

ارتعد .... وارتعد ...... لا اقاوم دموعى ولا امنعها من الجريان ..... اكاد اجن من هول الخبر ..... اصلى من اجله باكيه ....... دموع منثابه لن تعيده الى الوجود بعد ان تناثرت الدماء

تمت ...

(1) من روايه عزازيل للكاتب يوسف زيدان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق